• ٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

السمنة.. الأدوية.. الفرصة الأخيرة

د. محسن علي جنيدي

السمنة.. الأدوية.. الفرصة الأخيرة

تعديل نمط الحياة له دور أساسي في إنقاص الوزن وكذلك الغذاء والرياضة، ويبقى الدواء هو الحل الأخير بعد فشل كلّ الحلول.

البدانة أو السمنة مرض العصر وهي مشكلة صحية تبرز بوضوح في البلدان والمجتمعات المتقدمة والغنية، حيث يزداد تناول الطعام ونقل الحركة والرياضة.

وهناك عدة معايير تستخدم لتعريف البدانة من أشهرها مؤشر كتلة الجسم، والذي يساوي الوزن محسوباً بالكيلوجرام مقسوماً على مربع الطول محسوباً بالمتر.

مؤشر كتلة الجسم = الوزن(كلج) ÷ مربع الطول(م).

يراجع عيادات الأطباء الكثير من البدناء رغبة منه في انقاص الوزن إلى الحد الطبيعي أو على الأقل إنقاص بضعة كيلوجرامات، وقد فشلوا في التي اتباع الحمية المناسبة أو وهنوا في ممارسة التمارين الرياضية التي لم يتعودوا عليها ويأملون باستخدام دواء ينقص الوزن، والبعض يضن أن استخدام الدواء سيريحهم من عناء الرياضة ويسمح لهم بتناول ما يحلو لهم، والكثير منهم سمع عن طريق الإعلام أو الأصدقاء وقد تكون معلوماتهم غير صحيحة عن أدوية إنقاص الوزن.

ما دور الأدوية في علاج البدانة؟

ان تعديل نمط الحياة له الدور الأساسي في إنقاص الوزن وهذا يشمل الحمية الغذائية المناسبة وممارسة التمارين الرياضية وطبعا يبقى الدواء ملاذاً نهائياً لبعض المرضى.

ولكن هناك عدة ملاحظات على هذه الأدوية قبل أن تطرح للاستخدام العام:

1- إن استخدام الأدوية لإنقاص الوزن ثابت في الدراسات المجراة عليها ولكن هناك عيباً واضحاً في هذه الدراسات وهو أنها لا تتطرق إلى تأثير الأدوية، على المدى البعيد، في المرضى، فمثلاً هل تنقص من التهاب المفاصل أو توقف التنفس أثناء النوم أو نسبة حدوث الجلطات القلبية أو السكتات الدماغية أو الموت القلبي والتي تزداد في مرضى البدانة.

2- قد تكون لهذه الأدوية آثار جانبية خطيرة قد لا تظهر إلّا بعد الاستخدام المديد كما حصل مع الأدوية التي سحبت من التداول بعد اكتشاف آثارها الجانبية الخطيرة مثل الفينفين وتأثيره في صمامات القلب.

3- غلاء سعرها يحد من استخدامها أيضاً.

ما دور الأدوية في الحفاظ على نقص الوزن بعد تحقيقه؟

إن الفائدة الحاصلة من نقص الوزن هي في استمراره، وبالتالي أغلبية المرضى يناضلون للحفاظ على نقص الوزن المحقق.

لأنّ بعد إنقاص الوزن تمر فترة 3-6 شهور يحافظ فيها أغلبية المرضى على النقص الحاصل، ولكن يمكن أن يكسب بعض الوزن، لذلك الانتباه في هذه الفترة لمنع زيادة الوزن.

إن استعمال الدواء يزيد فترة نقص الوزن ويزيد من احتمال الحفاظ على نقص الوزن الحاصل، وفي الدراسات أمكن الحفاظ على نقص الوزن الحاصل  عدة سنين باستخدام الدواء.

متى يجب استخدام الأدوية؟

يمكن أن تستخدم الأدوية بالاشتراك مع تغيير في نمط الحياة في الحالات التالية:

1- بعد 3-6 شهور من الالتزام بالحمية وتغيير نمط الحياة والرياضة.

۲- في حال فشل المريض في تحقيق 10٪ نقص وزن.

3- لتحسين نقص الوزن في الحالات العرضية مثل ضيق النفس أو الآلام المفصلية.

٤- لإحداث تحسن في العلامات المرضية المرافقة مثل اضطراب الشحوم وارتفاع ضغط الدم.

5- لتحسين تحمل الجهد والفعالية الجسدية.

6- لتحسين السيطرة على السكر وإنقاص سكر الدم ومؤشرات السكر الأخرى.

7- أسباب نفسية في بعض المرضى حيث يخفف الدعم المقدم من الأدوية الإحباط من عدم نقص الوزن، ويعطي المرضى دعماً نفساً ليكونوا أكثر نشاطاً ويزيد رغبتهم وقابليتهم في تحمل الجهد والحمية.

متى تكون الأدوية غير مناسبة؟

1- إذا لم تنطبق المعايير على المريض.

٢- إذا كان نقص الوزن المنجز بتغيير نمط الحياة مرضياً.

 3- إذا كان لدى المريض آثار جانبية لهذه الأدوية.

4- إذا كانت هناك موانع لاستخدام الدواء المختار.

5- لأسباب غير طبية مثل إنقاص الوزن لفترة قصيرة من أجل رحلة أو زواج.

6- إذا فشل المريض في القيام بتغيير جدي في نمط الحياة.

7- في حال تاريخ مرضي لحمية دورية.

٨- في حال كون المريض لديه أهداف غير واقعية لنقص الوزن.

9- تاريخ مرضي سابق لاضطرابات في الأكل مثل القمه العصبي أو النهام «البوليميا».

10- يجب تقييم أي حالة نفسية أو عصبية قبل البدء بهذه الأدوية واستشارة إخصائي العصبية قبل البدء بها.

 وهناك ثلاثة أدوية مرخص بها للاستخدام في علاج البدانة على المدى البعيد وهي اورليستات؟ متوافر من عام 1999 ويصنف على انه مثبط لليباز المعوية ويمنع امتصاص الدسم من الأمعاء الدقيقة. وسيبيوترامين وهو متوافر أيضاً من 1999 ويعمل مركزياً

كمثبط لالتقاط السيروتونين بالإضافة لدواء ثالث مرخص حديثاً في بعض البلدان هو (ريمونابانت) هو معاكس للمستقبلات القنبية.

ما الأدوية الأخرى التي قد تستخدم في إنقاص الوزن؟

الميتفورمين له تأثيرات إيجابية في مرضى السكري الذين يحاولون إنقاص الوزن، لانه ينقص من مقاومة الأنسولين، ويمكن أن يستخدمه مرضى البدانة دون وجود السكري للمساعدة في إنقاص الوزن، وخاصة في السيدات اللواتي لديهن تكيس مبيض مع بدانة ولكنه حتى الآن غير مصرح به للاستخدام بشكل عام في البدانة.

الأدوية الأخرى التي استخدمت في المساعدة على إنقاص الوزن:

جرب الأطباء أدوية كثيرة استخدمت للمساعدة على إنقاص الوزن، ولكن حالياً يجب عدم استخدامها لهذه الغاية.

كانت الأدوية المستخدمة في إنقاص الوزن هي الأدوية التي تزيد الحجم مثل متيل سيلولوز والأدوية المنقصة للشهية مركزيا مثل الفينترمين.

الأدوية المشكلة للحجم (الألياف التي تنتج في المعدة) نادراً ما تستخدم وذلك لسبب بسيط وهو أنها لا تعمل، وقد اعتقد أنها تساعد المريض على إنقاص المتناول من الطعام، وذلك بخلق شعور بالامتلاء في المعدة، ولكن هذا لم يعط نتائج سريرية ملموسة لانقاص الوزن، وتلاشت هذه الآمال. ومازالت هذه الأدوية موجودة ولكنها من دون فائدة تذكر لإنقاص الوزن.

المدرات والامفيتامين والديكسامفيتامين ليست علاجات للبدانة ويجب ألا تستخدم.

التيروكسين يجب ألا يستخدم أبداً في علاج المرضى البدناء في حال غياب دليل مخبري على نقص نشاط الدرق.

هل هناك أدوية تسبب زيادة الوزن؟

1- الأدوية النفسية خاصة الاولنازبام.

2- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة وميرتازبام والليثيومبه معاكس الكورتيزون وهو يزيد الوزن بآليتين:

 الأولى: إعادة توزيع الشحوم تسبب بدانة جذعية وسنام البوفالو والوجه البدري

والثانية هي احتباس سوائل بسبب  آثارها القشرية والمعدنية

 ٤- موانع الحمل الفموية ومركبات البروجسترون.

5- حاصرات بيتا تزيد الوزن وأيضا تقلل من الفعالية الجسدية بسبب التعب التي يشعر به متناولها.

6- خافضات السكر الفموية مثل الجلياتازون والسلفونيل يوريا ما عدا الجليمبريد كلها تزيد الوزن بمعدل ٢-٤ كلج وقد تصل إلى 10 كلج.

7- الأنسولين.

8- مضادات الاختلاج مثل الفينتؤين وفالبروات الصوديوم تزيد الوزن، بينما توبيرمات فانه لايسبب زيادة بل ربما نقص وزن.

9- مضادات الهيستامين وخاصة في كبار السن.

10- هذه الأدوية هي من العلاجات الوقائية في الشقيقة أيضاً تزيد الشهية والوزن.

هل هذه الأدوية غالية الثمن؟

هذه الأدوية بشكل عام غالية ولكن بالمقارنة مع الفائدة المرجوة فهي جيدة.

كيف نختار الدواء المضاد للبدانة؟

كثير من المرضى سمعوا من أجهزة الإعلام أو من الأصدقاء عن هذه الأدوية وقد تكون لديهم معلومات غير صحيحة وطبعا الأغلبية تتخوف من فكرة استعمال الدواء الذي يعمل مركزياً مثل سيبيوترامين، والبعض ينزعج للآثار الجانبية للأورليستات وبالتالي قد يكون لرغبة المريض في اختيار الدواء دور.

 ولكن بشكل عام لا توجد معلومات مؤكدة تثبت تفوق دواء على آخر وبالتالي تفضيل استخدامه بشكل مطلق. وتتميز تلك الأدوية بأن فعاليتها متوسطة ويعتمد اختيار الدواء على عدة أمور:

- نفضل استخدام اورليستات لمرضى الضغط والمرضى المؤهبين للسكري واضطراب الشحوم لأنه ينقص الكولسترول الضار وينقص نسبة حدوث السكري في المرضى المؤهبين ولايترافق مع أعراض جانبية مهمة ويتجنب في الإسهال المزمن.

- أما سيبيوترامين بسبب قدرته على تحسين حس الشبع فقد يكون مفيداً في حالات نقص الإحساس بالشبع وكثرة تناول الأطعمة بين الوجبات الرئيسية، ويجب تجنبه في ارتفاع الضغط غير المسيطر عليه أو وجود أمراض القلب أو تسرع القلب.

- أما الريمونابانت فيمكن أن يعطى في حال اضطراب الشحوم المترافق مع المتلازمة الاستقلابية ونقص الكولسترول المفيد وارتفاع الشحوم الثلاثية وفي المرضى الذين يحاولون وقف التدخين، ويجب تجنبه في أمراض الكبد والاكتئاب والقلق.

متى نوقف الدواء؟

يجب وقف الدواء في حال عدم حدوث نقص وزن أكثر من 5٪ خلال 3 شهور أو حدوث آثار جانبية مهمة.

كيف نستخدم الأدوية؟

الأدوية الثلاثة مناسبة للاستخدام في المرضى الذين يزيد مؤشر كتلة الجسم على 30.

 بالنسبة إلى الأورليستات فإن المريض بحاجة إلى إحداث نقص وزن على الأقل ٢.٥ كلج بتغيير نمط الحياة في الشهر السابق لاستخدام الدواء، وطبعاَ يجب على مستخدم الدواء أن يلتزم بالحمية ناقصة الدسم ويمكن إعطاؤه للذين يزيد مؤشر كتلة الجسم علـى 30 أو في حال خطورة مثل أمراض الشرايين الإكليلية، كما يمكن إعطاؤه للذين يزيد مؤشر كتلة الجسم على    30 أو في حال وجود أمراض مرافقة أو عوامل خطورة مثل أمراض الشرايين الإكليلية، كما يمكن إعطاؤه للذين يزيد مؤشر كتلة الجسم عندهم على ۲۸، ويجب أن يحقق المريض نقص وزن 5٪ خلال 3 شهور أو ١٠٪ خلال 6 شهور وإذا لم يتحقق ذلك يجب وقف العلاج.

أما سيبيوترامين فيمكن إعطاؤه للذين يزيد مؤشر كتلة الجسـم عندهم على 30، ويمكن إعطاؤه للذين يزيد مؤشر كتلة الجسم على أكثر من ٢٧ في حال وجود أمراض مرافقة أو عوامل خطورة مثل السكري وارتفاع شحوم الدم وارتفاع الضغط الدموي المسيطر عليه وهو مناسب للبدناء الذين لا يستطيعون أن يخففوا حجم الوجبات أو الأكل بين الوجبات.

يجب أن يحقق المريض نقص وزن أكثر من 2 كلج في الشهر الأول وإذا لم يحدث ذلك يعطى العيار الأعلى 15 ملج وخلال 3 شهور يجب حدوث نقص وزن 5% وإلا يتم وقف العلاج.

وبالنسبة إلى الريمونابانت يعطى كعلاج مشارك للحمية للذين يزيد مؤشر كتلة الجسم على أكثر من 72 في حال وجود أمراض مرافقة أو عوامل خطورة مثل السكري وإضطراب الشحوم، في جميع هذه الأدوية يجب التأكيد على الالتزام ببرنامج تغذية بالإضافة إلى الرياضة كشرط لنجاح العلاج وتحقيق الفائدة المرجوة.

العلاج التشاركي بين الأصناف الحالية لا يؤدي إلى نتيجة أفضل:

الفترة المثالية لاستمرار العلاج غير واضحة حتى الآن، ولكن أطول فترة للعلاج في التجارب هي 4 سنوات للاورليستات وسنتان للسيبيوترامين وسنتان للريمونابانت.

غالباً ما يؤدي وقف الدواء بعد حدوث نقص الوزن إلى زيادة الوزن، ولذلك يجبالاستمرار في العلاج ليمكن الحفاظ على النتائج.

دور الإعلام

البدانة مرض يحمل معه خطر الإصابة بأمراض عدة، وبالتالي يجب أن يجتهد الإعلام في إيضاح وشرح أخطارها والسِبل اللازمة لعلاجهِا وتشجيع الناس على تناول الطعام الصحي والمفيد والاهتمام بممارسة الرياضة للحفاظ عِلى قوام ممشوق وصحة أفضل.

ارسال التعليق

Top